التخطيط لخفض تكاليف التعليم العالي مع المحافظة على نوعية معتمدة
المقدمة :
أصبح تخفيض التكاليف هاجس وهدف المسئولين في جميع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء,فأصبح التوجه العام في جميع المؤسسات الربحية وغير الربحية هو إنتاج نفس كمية ونوع الوحدات الإنتاجية باستخدام موارد أقل حجماً أو تكلفة , أو بكليهما معاً .
والسبب المباشر في ارتفاع التكاليف في المؤسسات بشكل عام ومؤسسات التعليم العالي بشكل خاص , هو تبدل الأوضاع الاقتصادية من انخفاض في النمو في معظم دول العالم , وانخفاض في أسعار النفط في الدول المصدرة له أو اضطرابها , وانخفاض الإنتاجية , بالإضافة إلى انخفاض تحويل بعض العملات في الدول النامية , وزيادة في الإنفاق على التسلح إلى تناقص الإيرادات بنسب عالية , دون أن ترافقها نفس النسبة في انخفاض التكاليف ، إضافة إلى العوامل الاقتصادية السابقة فإن أسباب الزيادة في تكلفة التعليم ترجع إلى الزيادة السكانية , وما يصاحب ذلك من زيادة الضغط على التعليم بعد كونه مجانياً , ورغبة أفراد المجتمع في التعليم إلى العديد من الأسباب التي سنتطرق لها بإجاز من خلال هذا البحث ، و تنطوي مقاربة قضية التعليم العالي على حساسية و هيبة في آن معاً ، و تتعلق هذه الهيبة و الحساسية في المقام الأول بالمهمة الأساسية لهذا القطاع الحيوي و هي " صناعة الإنسان " وتشكيل شخصيته ليكون مواطناً صالحاً وإنساناً منتجاً قادراً على تحمل المسؤولية والمساهمة في حركة التنمية ، و مستعداً لمواجهة مشكلات الحياة المعاصرة وتعقيداتها ومنافستها المحتدمة في كل اتجاه ، ومن ثم فهي ترتبط كذلك بصناعة المستقبل ، و هي تكتسب أهميتها وضرورتها من هذه الناحية ، ولا نبالغ إن قلنا إن التعليم العالي هو مصدر طمأنينتنا على المستقبل أو قلقنا عليه ، وقد أثبتت التجارب البشرية وما أكثرها على أن قوة البشر هي رأس المال الحقيقي الذي يعوض أي نقص في مستويات القوة الأخرى ، و النجاح في التنمية البشرية هو الذي يقود إلى النجاح في أي قطاع آخر ، وهو القادر على قلب معادلات الضعف إلى قوة ، ومن ثم فلا بأس أن تستثمر فيه الأموال ، و تنصب عليه الجهود ، ويدور عليه التخطيط ، وتصرف عليه الأوقات ، فلكل ذلك نتائجه ومردوداته على المدى البعيد ، وبدون النجاح فيه يضحي كل نجاح آخر سواه في مهب الريح ، و تغدو الثروات و المقدرات و الإمكانات و الفرص مهما بلغ حجمها عرضة للهدر و التفويت والضياع وسوء الاستغلال ، إذن فصناعة المستقبل مرتبطة بصناعة الإنسان ، و التعليم العالي محور رئيسي في صناعة الإنسان ومن ثم صناعة المستقبل ، وسيناقش هذا البحث اربع ركائز أساسية ، بدأ بالتعرف على تكاليف التعليم العالي وأهمية تخطيط تكاليف التعليم العالي ، ثم نحاول التعرف على الصور التقليدية لخفض تكاليف التعليم العالي ثم نذكر صور مبتكرة لخفض تكاليف التعليم العالي ثم بعد ذلك نبين كيف يمكن الحد من أثر خفض تكاليف التعليم العالي على نوعية البرامج ، محاولاً الإختصار ما أمكن في هذا الطرح ...
مستعينين بالله ... ونسأله التوفيق الوسداد .
الباحث
ياسر بن عبدالرحمن الدهري
25/6/1431 هـ
أهمية التخطيط لخفض تكاليف التعليم العالي :
الكلفة عرفت في المعجم بأنها " المبلغ المدفوع أو المنفق علي إنتاج سلعة أو خدمة معينة " , ويعرف خفض التكلفة في معناه المطلق بأنه " خفض الرقم الإجمالي للتكلفة بمقياس العملة أو النقد المستخدم " , وفي العمل يعرف بأنه " مقدار انخفاض تكلفة وحدة العمل " عن طريق رفع " الكفاءة الإنتاجية " وتعني زيادة عدد الوحدات الإنتاجية باستخدام نفس الموارد ( اليد العاملة والمواد والتمويل ) أو إنتاج نفس عدد ونوع الوحدات الإنتاجية باستخدام موارد أقل حجماً أو تكلفة , أو بكليهما معاً , فتحليل التكلفة تعد أداة قوية لتحسين الأداء وتخطيط المستقبل لأي نظام تعليمي .
وفي المؤسسة التعليمية عرفت التكلفة بأنها " عبارة عن تضحية اقتصادية يتحملها المشروع التربوي , أو المؤسسة التعليمية مقابل خدمة أو منفعة ضرورية , تستخدم طبقاً للمعايير المقررة ويمكن قياسها في شكل وحدات نقدية " , كما يمكن التنبؤ بها وتحديدها قبل البدء في الإنتاج والعمل .
والتعريف الإجرائي في البحث لخفض التكاليف هو : تقليص القيمة الإجمالية لزمن وتكلفة القيام بالأعمال اليومية في وضعها الحالي في كليات التربية للبنات , والحصول علي نفس مخرجات العمليات الأساسية بزمن أقل وسرعة أكبر وجودة أعلي وبقيمة إجمالية أقل مما هي عليه حالياً .
تخفيض التكاليف :
الكلفة عرفت في المعجم بأنها " المبلغ المدفوع أو المنفق علي إنتاج سلعة أو خدمة معينة " , ويعرف خفض التكلفة في معناه المطلق بأنه " خفض الرقم الإجمالي للتكلفة بمقياس العملة أو النقد المستخدم " , وفي العمل يعرف بأنه " مقدار انخفاض تكلفة وحدة العمل " عن طريق رفع " الكفاءة الإنتاجية " وتعني زيادة عدد الوحدات الإنتاجية باستخدام نفس الموارد ( اليد العاملة والمواد والتمويل ) أو إنتاج نفس عدد ونوع الوحدات الإنتاجية باستخدام موارد أقل حجماً أو تكلفة , أو بكليهما معاً , فتحليل التكلفة تعد أداة قوية لتحسين الأداء وتخطيط المستقبل لأي نظام تعليمي .
وفي المؤسسة التعليمية عرفت التكلفة بأنها " عبارة عن تضحية اقتصادية يتحملها المشروع التربوي , أو المؤسسة التعليمية مقابل خدمة أو منفعة ضرورية , تستخدم طبقاً للمعايير المقررة ويمكن قياسها في شكل وحدات نقدية " , كما يمكن التنبؤ بها وتحديدها قبل البدء في الإنتاج والعمل .
والتعريف الإجرائي في البحث لخفض التكاليف هو : تقليص القيمة الإجمالية لزمن وتكلفة القيام بالأعمال اليومية في وضعها الحالي في كليات التربية للبنات , والحصول علي نفس مخرجات العمليات الأساسية بزمن أقل وسرعة أكبر وجودة أعلي وبقيمة إجمالية أقل مما هي عليه حالياً .
أصبح تخفيض التكاليف هاجس وهدف المسئولين في جميع المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة في الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء , فأصبح التوجه العام في جميع المؤسسات الربحية وغير الربحية هو إنتاج نفس عدد ونوع الوحدات الإنتاجية باستخدام موارد أقل حجماً أو تكلفة , أو بكليهما معاً .
والسبب المباشر في ارتفاع التكاليف في المؤسسات بشكل عام ومؤسسات التعليم العالي بشكل خاص , هو تبدل الأوضاع الاقتصادية من انخفاض في النمو في معظم دول العالم , وانخفاض في أسعار النفط في الدول المصدرة له , وانخفاض الإنتاجية , بالإضافة إلي انخفاض تحويل بعض العملات في الدول النامية , وزيادة في الإنفاق علي التسلح إلي تناقص الإيرادات بنسب عالية , دون أن ترافقها نفس النسبة في انخفاض التكاليف ، و إضافة إلى العوامل الاقتصادية السابقة فإن أسباب الزيادة في تكلفة التعليم ترجع إلي : - الزيادة السكانية , وما يصاحب ذلك من زيادة الضغط علي التعليم بعد كونه مجانياً , ورغبة أفراد المجتمع في التعليم .
- التوسع الكمي والكيفي في التعليم العالي , الذي يعد أكثر مراحل التعليم تكلفة .
- الاهتمام بعوامل الجودة في التعليم مثل رفع مستوي العاملين , وتدريبهم أثناء الخدمة , وتقليل كثافة القاعات الدراسية , والاهتمام بالمباني التعليمية , وتزايد الاهتمام بالدراسات التطبيقية والتقنية في مراحل التعليم العليا .
ومع ذلك فإن المؤسسات الحكومية بصفة عامة تدعي أن جانب خفض التكاليف ليس من شأنها , حيث إنها لا تستهدف الربح وتعتبر الهدر في التكاليف هو سبيل توزيع الدخل القومي علي أفراد الشعب .
و تنطوي مقاربة قضية التعليم العالي على حساسية و هيبة في آن معاً ، و تتعلق هذه الهيبة و الحساسية في المقام الأول بالمهمة الأساسية لهذا القطاع الحيوي و هي " صناعة الإنسان " وتشكيل شخصيته ليكون مواطناً صالحاً وإنساناً منتجاً قادراً على تحمل المسؤولية والمساهمة في حركة التنمية ، و مستعداً لمواجهة مشكلات الحياة المعاصرة وتعقيداتها ومنافستها المحتدمة في كل اتجاه ، ومن ثم فهي ترتبط كذلك بصناعة المستقبل ، و هي تكتسب أهميتها وضرورتها من هذه الناحية ، ولا نبالغ إن قلنا إن التعليم العالي هو مصدر طمأنينتنا على المستقبل أو قلقنا عليه ..
وقد أثبتت التجارب البشرية وما أكثرها على أن قوة البشر هي رأس المال الحقيقي الذي يعوض أي نقص في مستويات القوة الأخرى ، و النجاح في التنمية البشرية هو الذي يقود إلى النجاح في أي قطاع آخر ، وهو القادر على قلب معادلات الضعف إلى قوة ، ومن ثم فلا بأس أن تستثمر فيه الأموال ، و تنصب عليه الجهود ، ويدور عليه التخطيط ، وتصرف عليه الأوقات ، فلكل ذلك نتائجه ومردوداته على المدى البعيد ، وبدون النجاح فيه يضحي كل نجاح آخر سواه في مهب الريح ، و تغدو الثروات و المقدرات و الإمكانات و الفرص مهما بلغ حجمها عرضة للهدر و التفويت والضياع وسوء الاستغلال ، إذن فصناعة المستقبل مرتبطة بصناعة الإنسان ، و التعليم العالي محور رئيسي في صناعة الإنسان ومن ثم صناعة المستقبل . ولنا أن نشير هنا إلى أننا بدأنا نهم أكثر بتحصيل العلم و حرصاً عليه وتقديراً له ، ونجد أن الأفراد بدأوا الان يحاولون اكمال تعليمهم العالي من بعد تخرجهم من مؤسسات التعليم العام هو مواصلة الدراسة العالية لو وجد الفرصة لذلك ولو أسعفته إمكاناته المادية وهو الحال بالنسبة إلى عائلاتهم و ذويهم ، و هي حالة تؤكد السعي إلى تطوير الذات و امتلاك مؤهلات المنافسة و تحسين الوعي و الثقافة و الوضع الاجتماعي ، ولكن سياسات التعليم لا تحتمل المجاملة ، فبقدر الآمال المعلقة على منظومة التعليم العالي تنهض إزاء ذلك مجموعة من التحديات التي تثير القلق و تستدعي الجهوزية و الاهتمام . ولا يعني الحديث عن هذه الأوجه هنا محاولة لترصد الأخطاء أو الوقوف عند بعض الهنات ، بل يعني أن القاعدة المتسقاه التي تسير عليها الأمور هي حالة النجاح و التقدم وسلامة المسار ، ومن ثم فإن التركيز عليها و تكرار الحديث عنها غير مجد إلا بقدر تقييم النجاح أو رصد التجربة لأنها أصل الأمور و سواؤها ، وكذلك لأنها أضخم و أوسع من أن تستوعب ، فالقفزات الكمية التي حققتها مسيرة التعليم العالي كبيرة وضخمة منذ ابتعاث أول دفعة طلابية في السبعينات كما يذكر ذلك ( العولقي ، 1998).
ومن هنا يغدو الحديث عن سوى ذلك من النواقص أو التنبيه إلى التحديات أمراً طبيعياً و ضرورياً لأنه خروج عن الأصل المتوقع ، ولأن حجم التحديات كبير ، ومن الحكمة ألا يشغلنا النجاح عن الاستعداد للمستقبل ، إنه كما يقولون سعي إلى إكمال الحياة بما ينقصها ، و علينا أن نعي تماماً أن قطاعات التعليم عامة لا تحتمل في الحديث عنها المجاملة أو المداهنة لأنها رهان المستقبل ، وهي قطاع خطير للغاية ينبغي أن نتعامل معه ونتحدث عنه دائماً بأكبر قدر من الصدق والصراحة و الالتزام الوطني و الأخلاقي ، فليس أخطر في هذا القطاع من محاولات المواربة أو تزييف الحقائق أو تلطيف التحديات و تهوينها ، فهي تصنع وعياً زائفاً بالواقع و طمأنينة خادعة . هذا إضافة إلا أننا نعيش ولعوامل كثيرة فرصة تاريخية تمنحنا أمكانية التأسيس للمستقبل بقوة و علينا أن لا نفوتها.
إن تحدي التوسع كان تحدي التوسع في التعليم العالي و ما يزال هو أحد أصعب التحديات ، فقد واجه التعليم العالي ضغوطاً ضخمة من مخرجات التعليم العام ، حاول استيعابها عبر مؤسساته المختلفة ، لكن بقيت نسبة كبيرة جداً من المخرجات لا تجد فرصتها الضرورية لتطوير ذاتها وأخذ قسطها المناسب من التعليم العالي ، وذلك ما أفصح عنه تقرير مركز الإحصاء عام 2003 حيث لم تزد نسبة الاستيعاب عن 42%من خريجي التعليم العام ( 12،6% من الفئة العمرية 18- 24سنة ) ، و مع أن هذا التقرير قد اعتمد على بيانات متأخرة نسبياً من عام 2000 إلا أنه كذلك أحد أهم روافد التخطيط لمشروع استراتيجية تطويرالتعليم 2006- 2020 التي وضعت هدفاً لها رفع معدل استيعاب مؤسسات التعليم العالي إلى ( 50% – 60 % ) بحلول 2020م ، من خلال (2006) . مركز إحصاءات التعليم العالي) ، وبالرغم من حجم التحدي الذي أفصح عنه تقرير التنمية البشرية ، و حجم الطموح الذي يمثله مشروع الاستراتيجية فإننا نقول بأن قفزات كبيرة تحققت خلال السنوات الخمس الأخيرة تمثلت في نشوء عدد من الجامعات في بلادنا وبداية شق طريقها ، ولابد أن تغييراً ما طرأ على هذه النسب المقلقة لمخططي التعليم العالي ، ,و لكننا لا نستطيع أن نحدد قدر ذلك التحول الآن نسبة إلى عدم توفر البيانات الكافية، غير أنه سيكون على كل الأحوال محدوداً أمام التحدي الكبير الذي يواجهه ،ومع ذلك كله ومع هذه النجاحات التي تحققت بافتتاح عدد من جامعات الحديثة ، ومجموعة كبيرة من الكليات الجامعية والمعاهد العالية المتخصصة سواء الحكومية منها و الخاصة ، ومع ذلك كله فإننا نحسب أننا لا نزال أمام تحدي التوسع وأنه لا يزال يحتاج لمقاربته إلى جهود جبارة .
تحدي الجودة / غير بعيد عن تحدي التوسع ينهض تحدي الجودة ، فقد مررنا بتجارب متعددة كان التركيز فيها قائماً على الجانب الكمي من المخرجات الذين يحتاجهم سوق العمل الحكومي منه على وجه الخصوص ابتداءً من كليات المعلمين ، إلى الكليات التقنية، إلى الكليات الصحية ...... الخ ، والتي اكتشفنا بعد مدة أن مخرجاتها تحتاج لإعادة تأهيل و تدريب وأعدنا شطراً غير يسير منهم إلى مجال التدريب و استثمرت الدولة أموالاً أخرى و جهوداً جديدة لإعادة التأهيل ،هذا إضافة إلى البرامج المهنية المتخصصة ، هذا إلى شكاوى مستمرة من القطاع الخاص حول نوعية المخرجات و جودة أدائها ومدى تأهيلها و الكلف الباهضة التي يتكبدها القطاع الخاص لإعادة التدريب و التأهيل ، وهي مزاعم لا ندري مدى وجه دقتها و لا نعلم إن كانت حقيقية وبأي قدر أم أنها مجرد ذريعة لتبطئة و كبح عملية العودة ، وكل هذا يذهب بنا إلى مناقشة قضية الجودة بتمعن وذلك نظراً لما قد تتسبب به حركة التوسع من اضطراب في معايير الجودة ، وهي حالة تشبه نمو الطلب الذي قد يدفع إلى توفير السلعة بأي وسيلة ، لاسيما وأن العديد من الكليات الجامعية ، تنشأ وعينها على الدعم الحكومي غير المباشر و القادم إليها عن طريق برامج الدعم للطلاب المبتعثين على نفقة الدولة سواء الكاملة منها أو الجزئية ، ويمكن الجزم بسهولة بأن هذه الكليات ستختفي في طرفة عين إذا ما توقف ذلك الدعم أو قلص ، ومن النواحي المهمة في قضية الجودة ، والتي أثارها تقرير مركز الإحصاءات 2003 من جهة زيادة نسبة الملتحقين بتخصصات العلوم الإنسانية على الملتحقين بالتخصصات العلمية ، حيث نسبة الملتحقين بالدراسات الإنسانية ( الأدبية والاجتماعية ) 61% بينما كانت حصة التخصصات العلمية 39% وذلك في العام الدراسي 2000/ 2001م من خلال (2004) . مركز إحصاءات التعليم العالي ، وقد ذكر (الزهراني، 1423هـ) إلى ارتباط هذه الظاهرة بسهولة الحصول على عمل ، إضافة إلى ضعف مستويات اللغة الانجليزية ، كما أشار إلى تأثيرها على سوق العمل ، إن لقضية الجودة تشعباتها المختلفة و هي تتصل بشكل وثيق بحاجات سوق العمل و مطالبه وهو مجال واسع يحتاج إلى الخبراء في مناقشته ، غير أنه من جهة أخرى تتصل بشكل وثيق أيضاً بقضية أكبر وهي قضية التعليم العام التي تؤثر تأثيراً مباشراً على الجودة من خلال نوعية الطلاب الذين توصلهم إلى مقاعد الجامعات ومؤسسات التعليم العالي ، ولأسباب كثيرة لا نرى ثمة مؤشر واضح ومؤكد إلى الآن يدل على تقدم كبير في مستوى جودة مخرجات التعليم العام ، ومخرجات التعليم الأساسي لم تصل بعد إلى مقاعد الدراسة الجامعية ، وتغييرات النظام التربوي الأخيرة لم تختبر بعد على هذا المحك ولا يزال الطريق طويلاً إلى ذلك ، ومن ثم فإن انعكاس أوضاع ونوعيات مخرجات التعليم العام على التعليم العالي أمر حتمي وطبيعي .
إن هم الجودة ومعاييرها يبقى من نصيب وزارة التعليم العالي التي تسهر على بقاء هذه المعايير ضمن حدودها المقبولة ، وهي تبذل في ذلك جهوداً جبارة بلا شك ، ولعل ما نلحظه من تأن في بروز مؤسسات التعليم العالي مرده إلى هذا الحزم الذي تبديه الوزارة في الالتزام بمعايير الجودة .
إن من الطبيعي القول هنا بأننا نحتاج إلى أكثر بكثير من حملة فنحن في حاجة إلى بناء إنسان ملتزم ومنتج و مسؤول ومؤهل لمواجهة أعباء المستقبل ، و مسلح بالوعي ، ومعبأ بالقيم الخلقية ذات النزعة النهضوية المبادرة ، والسؤال الذي لا ينبغي أن نفتر عن ترداده أين نحن من ذلك كله ؟ (العباد ، 2005) ..
إن تحدي التمويل والاستثمار ، رغم أن التعليم العالي يستحوذ على النصيب الأوفر من التمويل الحكومي الموجه لقطاع التعليم ، فإن مشكلة التمويل هي أحد أهم عوائق التوسع و عوائق الجودة في آن معاً , و محور التمويل استحوذ على قدر كبير من جهد المنظرين في مشروع استراتيجية تطوير التعليم سالفة الذكر ، وذلك نسبة إلى أهميته المتعاظمة سلباً أو إيجاباً . إن التعليم العالي يعتمد في غالبيته على التمويل الحكومي المباشر منه وغير المباشر كما أسلفنا ، وسيظل كذلك إلى مدة طويلة قادمة بسبب عوامل كثيرة أهمها عدم قدرة المواطن على تغطية نفقات تعليم أبنائه ، و من ثم فإن أي توجه لتقليص هذا التمويل سيؤدي إلى ضعف مباشر و انحسار في حجم المخرجات ، و أي طريقة أخرى موازية للتعليم الحكومي لا ينبغي أن تكون بديلاً عن ذلك بل هي عوامل مساعدة وداعمة ، ونتوقع أن الحكومة ستستمر في تمويلها للجزء الأكبر من جهود التعليم العالي .
غير أن رفع حصة قطاع التعليم في الميزانية العامة للدولة سيكون ضرورياً وحتمياً ، والنجاح في توسيع طاقة الاستيعاب سيكون مرهونا بحجم الاستثمارات الحكومية التي توظف في هذا القطاع ، خاصة و أن طموحات التوسع ضخمة وكبيرة و ضرورية و عاجلة في آن معاً ، كما أسلفنا من قبل أما في جانب الدعم و المساعدة الذي نتوقعها من المؤسسات المالية الكبرى ( أي الجهود غير الاستثمارية أو الربحية) فهو لا يزال ضعيفاً ودون المأمول بكثير ، أما في ما يتعلق بالتعليم العالي فلا نجد إلى الآن نموذجاً بارزاً يذكر ، و هنا لا بأس أن أذكر على سبيل المثال أن إحدى الكليات ( الخاصة غير الربحية ) في أحدى الدول الخليجية المجاورة ، تستوعب الآلاف من الطلاب تعلمهم على نفقتها وبالمجان تقريباً في برنامج تعليمي ممتاز ، وصل إلى حد منح درجتي الماجستير و الدكتوراه في بعض التخصصات ، مع دفع إعانات محترمة لهؤلاء الطلاب ، وقد بلغ عدد طلابها خلال العام الدراسي 2005/ 2006م 3684 طالباً ، وكل هؤلاء يدرسون على نفقة مؤسسة خاصة واحدة ، مع إعانات و منح تضمن لهم حياة لائقة (الزهراني،2005).
و السؤال الذي لابد أن يطرح نفسه بقوة هنا ، أين المؤسسات المالية الكبرى في المملكة عن مثل هذا النموذج الرائع الذي يقدم أجل الخدمات العليمة و أرقاها دون ثمن أو مقابل ؟! إننا وللأسف نفتقر إلى مثل هذه النماذج النبيلة في قطاع التعليم العالي ، كما إن الدولة والمجتمع قد ضمنت لهذه المؤسسات المالية المتضخمة ازدهارها و نموها و تعاظم ثرواتها ، وللمجتمع الحق في أن ينتظر منها عوناً ومساعدة ودعماً في هذا الجانب تؤدي فيه بعض الحق الذي يلزمها تجاه المجتمع . إن هذا لا ينفي بالطبع تلك الجهود المحمودة والمباركة التي تقوم بها بعض المؤسسات فيما تتفرج مؤسسات أخرى على المشهد منتظرة غنيمة ربحية .
وعلى صعيد آخر فإن فتح الباب للاستثمار الخارجي على مصراعيه في التعليم العالي يعد أمراً صعباً و يحتاج لكثير من التأني والفحص و الدراسة على اعتبار أنه مرتبط بالنواحي الحضارية و الثقافية وهوية المجتمع ، كما أنه مرتبط بنواحي قانونية و إجرائية لابد لها أن تـأخذ حيطتها إزاء سـوق تزدحم فيـه كثـير مـن "الشركات الجامعية" ـ إن صح التعبير ـ وتتعامل وفق منطق السوق وفلسفة رأس المال.وعلى الجانب الآخر من هذه القضية نجد أن التعليم العالي أثبت في دول عربية كثيرة أنه استثمار مجد ، و أعني بذلك حين يكون مصدر جذب للطلاب من خارج تلك الدول ، ومن ثم فإنه من المنطقي و نحن نشهد بداية ازدهار التعليم العالي الخاص أن نفكر في أن تكون مؤسساتنا الجامعية جاذبة هي الأخرى لأفواج الطلاب من دول أخرى . وإن كنا لا نلمح لدينا توجها واضحاً في هذا الوقت نحو هذا الاستثمار فأتصور أنه بعد سنوات قليلة سيكون من المنطقي أن نفكر جدياً في الانتقال من طور " تصدير الطلاب " إلى طور استيعاب طلاب من دول أخرى ، والاستثمار في هذه الناحية ، ولا يبدو الأمر صعباً أو مستحيلاً فهناك من سبقنا في هذا المجال وعلينا نسعى للمنافسة فيه ، لما له من فوائد مادية و إنسانية حضارية ، وتمتين للوضع الأكاديمي و العلمي لمؤسساتنا الجامعية .
ولقد كان تحدي الانطلاق من نقطة الصفر في عام السبعين أكبر بكثير في ظل انعدام للموارد المادية والبشرية ، ونجحنا في ذلك الرهان و تجاوزنا التحدي ، ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى استمرار روح السبعين التي واجهت التحدي بإرادة النهضة ، وعلينا أن نتأكد دوماً بأن هذه الروح ينبغي لها أن لا تخبو أو تتراجع ، فالدرب لا يزال طويلاً والمهمة لا تزال شاقة و التحديات جسيمة وعالم المنافسة لا يرحم و لا يرحب إلا بالأقوياء ( العولقي ،1998) .
الصور التقليدية لخفض تكاليف التعليم العالي :
إن الصور التقليدية تكمن في طرق التويل حيث أنها تعتمد على الدعم الحوكمي وكذلك المعونات الدولية التي تأتي من الخارج فقامت سياسات تقليدية لخفض الإنفاق على التعليم العاليتنطلق هذه السياسات من قناعة أن الإدارة المالية الرشيدة يمكنها أن تعوض النقص فى الموارد ، بل تكون قادرة على تعظيم هذه الموارد ، هذا ما تؤكده الدروس المستفادة من تجارب دول جنوب شرق أسيا .
ولعل من الأساليب التقليدية لخفض تكاليف التعليم العالي هي الحد في سياسة القبول للطلاب والطالبات ومثل زيادة رسوم التعليم على الطلاب ، فرض إيجارات على المرافق، وتخفيض النفقات غير المباشرة
ويذكر (رحمة،2000) لم تكن هناك مناداة دولية بمجانية التعليم العالي، كما هو الحال فيما يتعلق بالتعليم الأساسي، خصوصًا أن معظم دول العالم قد وصلت إلى السقف الأعلى من مقدار الإنفاق على التعليم العالي، وفي نفس الوقت فإن تكاليف برامج التعليم العالي في ازدياد مستمر؛ نظرًا للإقبال المجتمعي على هذا المستوى من التعليم، وللتطور في النواحي النوعية له، وازدياد تكلفة الطالب في نفس الوقت. ويبدو أن عدم المناداة بمجانية التعليم العالي والتمويل الحكومي له تعود إلى قناعة بأن التعليم العام أو الأساسي كاف للحياة العامة، أما التعليم العالي فهو رفاهية وليس بضرورة في نظر البعض ، وبالجملة توجد العديد من المؤشرات الدالة على قصور التمويل الحكومي للتعليم العالي والتي تبرر البحث عن بدائل أخرى غير التمويل الحكومي للتعليم العالي أو بدائل تسانده، ومن هذه المؤشرات ما يلي:
- أن الجامعات عندما تحدد احتياجاتها والمبالغ اللازمة، فإنها نادرًا ما تحصل على المبالغ التي تطلبها مما يؤثر في مستوى أدائها.
- نمو التعليم العالي بمعدلات لا تتناسب مع معدلات نمو مخصصاته.
- عدم القدرة على التوسع في إحداث التخصصات التطبيقية أو تلبية متطلباتها.
- تقلص عدد الأساتذة الذين يؤهلون في الجامعات الغربية المرموقة واللجوء إلى إعدادهم محليًا نتيجة قلة الموارد المالية.
- عجز الجامعات عن تمويل الإجازات التدريسية والبحثية لأعضائها خارج البلد.
- انخفاض مستوى الخدمات الطلابية من سكن وطعام ومواصلات ورعاية طبية.
- توقف مشروعات التطوير في التعليم العالي أو سيرها ببطء.
- تراجع نصيب الطالب من الإنفاق.
أما من حيث الأسباب المؤدية إلى القصور في التمويل الحكومي للتعليم العالي، والمدعوم بالمؤشرات السابقة، فهناك الأسباب التالية (الأحمد ، 2003 ) :
- التضخم عمومًا وغلاء التعليم العالي، وعدم قدرة الحكومات والأسر على تمويله، نتيجة تفاقم الأعباء التمويلية للتعليم العالي.
- الانفجار السكاني والتعليمي اللذين خلقا أزمة التعليم الجامعي المتمثلة في صعوبة استيعاب الأعداد المتزايدة من طالبي الالتحاق في ظل القدرة الاستيعابية المحدودة لمؤسسات التعليم العالي.- ضعف المواءمة بين مخرجات الجامعات ومتطلبات سوق العمل المتغيرة بفعل التقدم العلمي والتقني المتسارع.- الاستمرار في سياسة التوسع في التعليم العالي، وتقديمه مجانًا، وتشجيع الإقبال عليه، على الرغم من ازدياد التضخم وارتفاع الأسعار وازدياد تكاليف التعليم العالي.
- ضعف قدرة الجامعات على بلوغ أهدافها وزيادة نفقاتها الجارية مقارنة بالنفقات الاستثمارية وعدم أخذها بالتمويل الذاتي، وقلة اهتمامها بالبحث العلمي.
الصور الحديثة والمبتكرة لخفض تكاليف التعليم العالي :
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة حدثت تغيرات جوهرية في كافة مناحي الحياة المختلفة , وخاصة التعليم باعتباره مسئولاً عن مواكبة تلك التحولات والتكيف مع متطلباتها , فهو يمثل أحد أهم مجالات الاستثمار في الموارد البشرية , والتي بدورها تعد عنصراً من عناصر الإنتاج لا يقل أهمية عن رأس المال المادي نفسه , والعائد الناتج من التعليم يظهر في صورة زيادة في القدرات والإنتاج ويدخل في باب الاستثمار , ومثل مثل فرض حقوق نشر على الاختراعات، أو الاستثمار في أسواق الأوراق المالية ، ومثل التحول من التمويل الإفرادي إلى التمويل الموحد (الجماعي)، والتمييز بين رواتب أعضاء هيئة التدريس، وهكذا دواليك ، وكذلك تستطيع ان تلغي برامج أو خدمات فات عليها الزمن .
وفيما يلي بعض من الصور المبتكرة في خفض تكاليف التعليم العالي بشيء من التفصيل :-
1 - خصخصة التعليم الجامعي :
لقد أدت مستجدات النظام الاقتصادي العالمي الجديد , وأتباع سياسات التحرر الاقتصادي إلي تقليص مسئوليات الدول في الإنفاق علي السلع والخدمات , وتشجيع الخصخصة في كافة المجالات بما في ذلك التعليم , ويقصد بخصخصة التعليم الجامعي هو قيام القطاع الخاص بتمويل مؤسسات جامعية وإدارتها للوصول إلي مجموعة محددة من الأهداف أبرزها تحقيق ربح وعائد مالي وفقاً للقوانين المنظمة لذلك .
وتمثل خصخصة التعليم توجهاً رئيسياً في العديد من دول العالم المتقدم والنامي , وتتخذ عدة صور في التعليم الجامعي ومنها : ترشيد الإنفاق علي مؤسسات التعليم العالي , والتوسع في التعليم العالي الخاص , بالإضافة إلي زيادة الرسوم الدراسية علي الطلاب , يمكن تقسيم دول العالم من حيث أنماط خصخصة التعليم العالي والجامعي إلي ثلاث أنماط هي :
· دول تتبع خصخصة كاملة للتعليم الجامعي : وهي تسمح للقطاع الخاص بإنشاء وإدارة وتمويل الجامعات دون تقديم أية إعانة حكومية لهذه المؤسسات , ومنها تايلاند وماليزيا.
· دول تتبع خصخصة معتدلة للتعليم الجامعي : وهي تسمح للقطاع الخاص بإنشاء الجامعات مع وجود دعم ومساعدة من الدولة , ومنها اليابان وتايوان .
· دول تتبع خصخصة بسيطة للتعليم الجامعي : وفيها تتولي الدولة مسئولية إنشاء وإدارة وتمويل الجامعات , كما ترحب بمصادر التمويل الخاصة والأهلية , ومنها الصين والهند وباكستان وروسيا .
ومن صور الخصخصة التي يمكن تطبيقها في التعليم الجامعي : إصدار سندات مالية تشبه أوراق الائتمان للحصول علي خدمة التعليم الجامعي في أي مؤسسة جامعية يقع عليها اختيار العميل , وحقوق الامتياز وتعني منح المنظمات التجارية أو الصناعية حق احتكار توفير الخدمة التعليمية الجامعية بتكلفة اقتصادية أقل , وهناك أيضاً خصخصة تتم من خلال بيع الأصول الحكومية أو تحويل حقوق الملكية إلي القطاع الخاص كما في ماليزيا , أو إيجار الأبنية والمعامل و المنشآت التعليمية من القطاع الخاص لحساب التعليم الجامعي , بالإضافة إلى الحصول علي هبات وتبرعات من منظمات غير حكومية للإنفاق علي التعليم الجامعي .
2 - تزايد اهتمام الشركات متعددة الجنسيات بالتعليم الجامعي :
زاد في الآونة الأخيرة نشاط الشركات متعددة الجنسيات في التعليم , وصار لتلك الشركات تأثيرات واضحة علي مؤسسات التعليم العالي والجامعي , ويظهر ذلك في صور عديدة منها : المشاركة في تمويل التعليم وتجويد الخدمة التعليمية , وتحمل بعض أعباء العملية التعليمية , والإنفاق علي الموهوبين وذي الحاجات الخاصة , وتوفير قروض للطلاب المحتاجين , وإعادة صياغة المهارات والمعارف التي يهتم التعليم الجامعي بنقلها للطلاب لتناسب المنظور العالمي .
وصاحب ذلك توسعاً ملحوظاً في مؤسسات التعليم الجامعي , فعمدت الكثير من الجامعات العالمية إلي تدويل أعمالها عن طريق إنشاء فروع ومراكز تابعة لها في دول أخري , وعقد تحالفات إستراتيجية مع مراكز البحوث العالمية , وإبرام اتفاقيات مع منظمات دولية , وإبرام اتفاقيات لتبادل المعرفة وتدويلها بين مختلف المراكز التابعة لها .
وأدي تطور التكنولوجيا الحديثة إلي إنتاج مزيد من السلع التعليمية المتقدمة وصبغها بالصبغة التجارية , هذا أدي إلي جذب الشركات متعددة الجنسيات للاستثمار في البرامج والسلع التعليمية على نطاقات واسعة , تصل إلي حوالي تريليون دولار سنوياً , وأدي ذلك لزيادة التعاون الدولي لتوفير السلع التعليمية لمعظم دول العالم .
وعلي الصعيد العالمي تدير الجامعة الأوروبية ببلجيكا مؤسسات تعليمية تابعة لها في 16 مدينة أوروبية , كما يقوم معهد هولندا الدولي للإدارة بتشغيل مشروعات مشتركة مع العديد من المؤسسات المحلية في بعض دول أوروبا وآسيا , ويقوم مركز هنللي للإدارة بلندن بتصدير برامج تعليمية إلي كثير من المؤسسات التعليمية الأوروبية والآسيوية التي تقع علي المحيط الهادي عن طريق برامج التعليم عن بعد بالإضافة إلي نشاط جامعة هارفارد الأمريكية الواضح في تعليم تخصصات إدارة الأعمال في دول أمريكا اللاتينية , كما تقوم بعض الشركات متعددة الجنسيات بجهود بارزة في مجال التعليم الفني في عدد من الدول الآسيوية .
3 – تطبيق المعايير الاقتصادية علي الأنظمة التعليمية :
يعد التعليم استثماراً بشرياً يفوق في عائده الاستثمار في كل المجالات , ومن ثمّ تزايدت أهمية العائد الاقتصادي للتعليم , ويتحقق هذا العائد عندما يتمكن النظام التعليمي من الوصول بكفاءة إلي أعلي جودة ممكنة في تحقيق الأهداف الموضوعة وبأقل هدر ممكن , ولذا تزايد الاهتمام بحساب القيمة الاقتصادية للتعليم وتكلفته وتحويله والعائد المتوقع منه وإنتاجية وفعالية مؤسساته .
وفي إطار العولمة الاقتصادية تم تطبيق معايير اقتصادية علي أنظمة التعليم العالي والجامعي علي الصعيد العالمي , ومن أهم تلك المعايير ( المنافسة , كفاءة الأداء , تعظيم العائد , تأكيد الربحية , ضمان الجودة , رقابة الجودة ) وترتب علي ذلك انحصار الرؤى التربوية بما تتضمنه من قيم إنسانية وثقافية واجتماعية , وإثارة الجدل حول أدوار التعليم الجامعي باعتباره أحد النظم المساعدة علي نقل التراث المجتمعي إلي الأجيال الجديدة لتطويرها ومساعدة الأفراد علي تحقيق أهدافهم كمواطنين هذا من ناحية , وبين كونه مجرد وسيلة لإعداد وتخريج عمال لشغل مواقع الإنتاج من ناحية آخري , وهذا يعني أن التعليم أصبح سلعة توظف لإنتاج سلعة أخري ويطلق علي هذه الظاهرة " تسليع التعليم " .
ويعتبر معيار الكفاءة والإنتاجية التعليمية من أكثر المعايير الاقتصادية التي شاع استخدامها في السنوات الأخيرة , بسبب تزايد النظرة الاقتصادية للتعليم العالي والجامعي , وبروز الاهتمام بضرورة ترشيد الأموال التي تنفق علي التعليم , ويقصد بالكفاءة التعليمية للتعليم الجامعي مدي قدرة نظام التعليم الجامعي علي تحقيق الأهداف المنشودة , أما الإنتاجية التعليمية فتعني , حساب المكسب والخسارة ويتطلب ذلك معرفة حجم الأموال المستثمرة في التعليم ومقدار العائد المتوقع منها .
4 – توثيق العلاقة بين التعليم الجامعي وقطاعات العمل والإنتاج :
تزايدت أهمية توثيق العلاقة بين التعليم العالي والجامعي وبين قطاعات العمل والإنتاج في ظل العولمة الاقتصادية , ويتجلي ذلك من خلال : مساهمة التعليم الجامعي في تقديم دورات تدريبية للعاملين بالقطاعات الإنتاجية , وتدريب الطلاب علي مختلف المهن والوظائف في أماكن العمل , وإنشاء مراكز للتنمية المهنية بالجامعة , وإعداد المواهب الذكية القادرة علي المنافسة في السوق العالمية , كما يمكن الاستعانة بخبراء وكفاءات العمل الإنتاجي للتدريس بالجامعات , بالإضافة إلي تبني مداخل تسويقية متعددة بالجامعات تأخذ في اعتبارها احتياجات كافة قطاعات المجتمع .
ويمكن أن تقوم الجامعة بأدوار بارزة في تطوير كافة قطاعات العمل والإنتاج من خلال ثلاثة بدائل إنتاجية , هي : ( التوصل لإنتاج سلع جديدة لم تكن معروفة من قبل في الإنتاج المحلي , أو التوصل لإنتاج سلع قائمة بنفقات إنتاجية أقل عن طريق دراسات جدوى موسعة , أو للتوصل لإنتاج سلع قائمة بنفس مستوي النفقات لكن بمستوي جودة أعلي ) , وهذا يتطلب إعادة النظر في مواصفات السلع والمنتجات وهذا بالطبع يتطلب تدعيم عمل الوحدات ذات الطابع الخاص بالجامعات وتشجيع البحث العلمي .
ومن المتوقع مستقبلاً تحول أماكن العمل والإنتاج من أماكن إنتاجية وخدمية إلي أماكن قائمة علي التعلم والمعرفة , وهذا يتطلب تدريب العاملين علي كيفية الحصول علي المعرفة , وإجراء البحوث وتطبيق المعارف النظرية , واقتراح حلول للمشكلات , وتصميم وتنفيذ هذه الحلول من خلال فريق عمل متكامل , ويصاحب ذلك مجموعة من المتطلبات أهمها تحول المعلمين من هؤلاء الذين ينقلون المعرفة إلي هؤلاء الذين ييسرون الوصول إلي المعرفة .
5 – البحث عن مصادر تمويل إضافية للتعليم العالي والجامعي :
تتعدد مصادر تمويل التعليم العالي والجامعي في مختلف بلدان العالم , خاصة المتقدمة منها , وبالرغم من ذلك يظل التمويل الحكومي يمثل الجزء الأكبر من مصادر تمويل التعليم العالي والجامعي , وعلي الصعيد العالمي تقاس أهمية التعليم العالي والجامعي في مجتمع ما بنسبة ما ينفقه المجتمع عليه إلي الناتج الإجمالي لذلك المجتمع .
ويتجمع هذا الاستثمار من عدة مصادر منها :
· الأنفاق الحكومي : ويتحمل النصيب الأكبر من استثمار المجتمع في التعليم العالي حتى الجامعات التي تعتمد أساساً علي مواردها الخاصة تتلقي دعماً حكومياً .
· التبرعات والهبات والوصايا من أموال الأفراد : وتحتل مكانة بارزة في معظم الدول المتقدمة .
· قطاع الأعمال : ويحتل هذا المصدر مكانة بارزة في معظم دول العالم المتقدم ليس فقط عن طريق تقديم تبرعات للجامعات ولكن أيضاً عن طريق عقود البحث بين الجامعة والشركات الصناعية .
· المصاريف والرسوم الدراسية : ساد العالم في نهاية القرن الحادي والعشرين اتجاهاً نحو فرض رسوم دراسية أو زيادتها , وتزايدت الآراء التي تشير إلي ضرورة مشاركة المنتفعين المباشرين من التعليم الجامعي في التكلفة .
· نظم دعم الطلاب : ويقصد به نظم الإقراض المتعددة لتغطية تكاليف التعليم , وتكاليف الإقامة والإعاشة علي أن يسددها الطالب بعد تخرجه وحصوله علي عمل أو وظيفة .
وفي إطار سعي الجامعات لتنويع مصادر التمويل اللازمة لتطوير العملية التعليمية , تبنت جامعة ماركرير بأوغندا إستراتيجية تتضمن ثلاث خطوات رئيسية : تطبيق أساليب جديدة في التمويل , وتطبيق آليات جديدة في الإدارة , وإجراء إصلاحات أكاديمية ترتبط بالمقررات الدراسية وربطها باحتياجات المجتمع المحلي , ومن هذه المقررات : إدارة الأعمال والتخطيط والسياحة والكيمياء الطبية , وتشمل مصادر التمويل البديلة التي اقترحتها الجامعة : المنح والهبات والقروض ونواتج تسويق الخدمات الجامعية .
ولقد تأثر التعليم العالي والجامعي في استراليا بسياسة التكيف الهيكلي , وتزايدت الحاجة للبحث عن مصادر بديلة لتمويل التعليم , وذلك عن طريق الاعتماد علي أنشطة القطاع الخاص , بجانب التمويل العام والرسوم المحصلة من الطلاب , وبيع الخدمات الاستشارية , وتنظيم دورات قصيرة بمقابل مادي , كما تتنافس الجامعات فيما بينها لإجراء المشروعات البحثية التي تمولها الدولة , وتعتمد معظم الجامعات الاسترالية علي تصدير خدماتها التعليمية لإيجاد موارد إضافية لتمويل الجامعات .
مما سبق يتضح أن العقود الثلاث الأخيرة من القرن العشرين شهدت تحولات اقتصادية هائلة , وسوف يعتمد المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي في المستقبل علي صناعات الوسائط المعلوماتية , وسوف يكون الإعلام من أكبر الصناعات العالمية القادمة , وأكثرها ديناميكية وسوف تحقق أرباحاً هائلة , وسوف ترسم معالم حضارة عالمية موحدة ذات مكونات ثقافية مشتركة بين الأجيال القادمة , وهذا يفرض العديد من التحديات أمام منظومة التعليم الجامعي علي الصعيد العالمي
الأدوار الاقتصادية للتعليم الجامعي المستقبلي
في ظل تنامي التحديات الاقتصادية حدثت تغيرات جوهرية في مختلف مناحي الحياة , وخاصة التعليم العالي والجامعي باعتباره مسئولاً عن مواكبة التحولات الاقتصادية والتكيف مع متطلباتها , وهذا يفرض علي الجامعات ضرورة تحسين إنتاجها لتبقي قادرة علي الصمود أمام المنافسة الدولية , وهذا لا يتحقق إلا من خلال تبني أدوار حديثة للتعليم الجامعي لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية .
ومن أهم أدوار التعليم الجامعي لمواجهة التحديات الاقتصادية :-
1 - دور التعليم الجامعي في التنمية الاقتصادية :
في ظل الاقتصاد القائم علي المعرفة , ازدادت الحاجة إلي تطوير رأس المال البشري القادر علي العمل والإنتاج , كأساس للتنمية البشرية التي تكفل تحقيق التنمية الاقتصادية , وهذا يتطلب إعادة النظر في فلسفة التعليم الجامعي وأهدافه ,
ومدي تكيفه مع البيئة الدولية , وتنامي الاستثمار في مجالات تجويد أداء الجامعات لتأثيرها الفعال في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية علي الصعيد المحلي والعالمي .
وفي إطار مساهمة البنك الدولي في تحقيق التنمية الاقتصادية بالدول الأعضاء باتفاقية الجات , حدد البنك مجموعة أهداف خاصة بتطوير التعليم الجامعي في الشرق الأوسط لتحقيق متطلبات الجودة والتنافسية , ومن هذه الأهداف : ( وضع معايير لجودة التعليم , وزيادة فعالية النظام التعليمي في تكوين رأس المال البشري,
وتنمية مجتمعات المعرفة , وتوفير مصادر بديلة لتمويل الجامعات ), ولتحقيق هذه الأهداف قام البنك بتمويل مشروعات تعليمية في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
2 - تبني نماذج جامعية حديثة مثل الجامعة المنتجة :
ترتبط فكرة إنشاء الجامعة المنتجة بعدة مبررات فرضتها مجموعة من التحديات الاقتصادية , إلا أن الفكرة تم طرحها للاستفادة من الجامعة المنتجة كبديل لإنشاء الجامعات الخاصة , بحيث يعاد النظر في وضع الجامعات الحكومية لكي تصبح جامعات منتجة تلبي احتياجات المجتمع من الكوادر البشرية بالمواصفات المطلوبة , وتهتم بدراسة مشكلات المجتمع وتقدم الحلول المناسبة لها .
ويقصد بالجامعة المنتجة جامعة تتكامل فيها وظائف التعليم والبحث العلمي والخدمة العامة لتحقيق بعض الموارد الإضافية للجامعة من خلال وسائل متعددة كالتعليم المستمر والاستشارات والبحوث التعاقدية والأنشطة الإنتاجية , وهذا المفهوم يشير إلي قيام الجامعة المنتجة ببعض الأنشطة التي تحقق من خلالها موارد مالية إضافية , وتنعكس بالفائدة علي الجامعة والعاملين بها شريطة ألا يتعارض ذلك مع الوظائف التعليمية والبحثية والخدمية للجامعة .
وتعتمد الجامعة المنتجة علي مجموعة من الأسس أهمها : الأعداد المتكامل للطالب عقلياً وخلقياً واجتماعياً , والجمع بين الإعداد الشامل والتخصصي , وربط التعليم بالعمل حيث يجمع إعداد الطالب بين اكتسابه للمعلومات المرتبطة بتخصصه وممارسته للعمل التطبيقي , وتحقيق الارتباط الوثيق بالمجتمع وتلبية احتياجاته من الخريجين كماً وكيفاً , بالإضافة إلي التنوع في مصادر التمويل لتشمل أجور الأنشطة والمشروعات , والخدمات التي تقدمها الجامعة , والمصروفات التي يدفعها الطلاب , والمعونات والمنح التي يمكن أن تحصل عليها الجامعة من الأفراد والمؤسسات , ولقد أخذت العديد من الجامعات بالدول المتقدمة بفلسفة الجامعة المنتجة ومنها جامعة ماساشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية , ويوجد بها أكثر من 30 مركز ومعهد للبحث , ومعظمها يرتبط بالصناعة والإنتاج والعمل في المجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات , وهناك أيضاً جامعة ماليزيا للتكنولوجيا , ولها دور كبير في إنشاء مساقات تعليمية تناسب التطور التكنولوجي, وتربط البحث العلمي بالتنمية , كما أنها تعقد اتفاقيات ثنائية مع المؤسسات الإنتاجية
3 - الأخذ بفكرة الجامعة الاستثمارية :
ظهرت صيغة الجامعة الاستثمارية في الولايات المتحدة الأمريكية , وتستخدم التطبيقات العلمية في حل مشكلات مجتمعية , وتقوم الجامعة بتنفيذ عدد من البرامج الهادفة لنقل التكنولوجيا للمشاركين في مشروعات استثمارية , وتشمل هذه البرامج إنشاء مراكز جامعية لتسويق المنتجات الجامعية , وتقديم خدمات للمشروعات الصغيرة , ويعد الحاضن التكنولوجي " أوستن " نموذجاً لتنفيذ صيغة الجامعة الاستثمارية , ويعتمد علي التعاون بين جامعة تكساس بمقاطعة أوستن والحكومة المحلية والقطاع الخاص .
ومن التجارب الرائدة للتعليم الجامعي الاستثماري تجربة جامعة فوينكس , والتي تعمل بالتعاون مع العديد من الجامعات الأمريكية علي تلبية احتياجات الشركات الصناعية والتجارية فيما يتعلق بالمعلومات المهنية لمجالات الاستثمار , وتوفير البرامج التدريبية للمديرين والعاملين بهذه الشركات , ومراعاة احتياجات العملاء من المديرين والعاملين , وتحقيق مستوي ربح ممكن من المشروعات الاستثمارية.
4 - الجامعة وبرامج التدريب التحويلي للخريجين :
يشتمل التدريب أثناء الخدمة كل الأنشطة والبرامج التي تقدم من قبل أجهزة التدريب بصورة منظمة ومخططة مسبقاً لمجموعة من المتدربين , بهدف رفع كفاءتهم الأدائية في مجال وظيفتهم إلي أقصي حد ممكن , وفي ضوء احتياجاتهم التدريبية , والتدريب التحويلي هو تدريب يقدم لفئات معينة من الخريجين لرفع مستوي مهاراتهم ومعارفهم عند التحول لوظائف أخري , وتشمل أساليب التدريب المتبعة في برامج التدريب التحويلي أسلوب المحاضرة والمناقشة والتدريس المصغر , ولعب الأدوار والورش التعليمية بالإضافة إلي أساليب التدريب التحويلي عن بعد باستخدام الحقائب التدريبية والبرمجيات والأفلام التعليمية .
وهناك عدة أنواع من برامج التدريب التحويلي , منها : برامج التدريب عند بداية الخدمة وهي برامج تمهيدية لتدريب العاملين علي المهارات والمتطلبات الوظيفية , وبرامج التدريب العلاجي وتستهدف تصحيح الأخطاء , وأوجه القصور في معارف المتدرب أو مهاراته أو اتجاهاته , ثم برامج التدريب المتقدم وتستهدف تحسين وتحديث المهارات والمعارف الوظيفية , وأخيراً برامج إعادة التدريب ويقصد بها تزويد العاملين بمهارات جديدة تحل محل المهارات المتقادمة .
5 - الشراكة بين الجامعة والمؤسسات الإنتاجية والخدمية :
هناك العديد من التحولات الاقتصادية التي فرضت علي الجامعة أدواراً جديدة نحو مختلف قطاعات الإنتاج , وذلك في إطار شراكة فاعلة تحقق منفعة الطرفين , ويعبر مفهوم الشراكة عن مستوي العلاقة بين التعليم الجامعي ومؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية , ويتم ذلك في صورة تحالف , أي اتفاق علي إقامة علاقة تعاون مثمر بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية .
وفي إطار تفعيل هذه الشراكة يمكن أن تحقق المؤسسات الإنتاجية والخدمية العديد من المكاسب منها : التعرف علي نتائج البحوث والدراسات التي أجريت بالجامعة , والاستفادة منها في مجالات العمل والإنتاج , وتحسين مهارات العاملين بالمؤسسات الإنتاجية عن طريق الالتحاق ببرامج تدريبية بالجامعة , والاستفادة من جهود الأساتذة والباحثين في وضع الحلول المناسبة للمشكلات التي تتعرض لها قطاعات العمل والإنتاج , بالإضافة إلي استخدام المنشأت البحثية الجامعية مثل المختبرات والمعامل والورش والمكتبات .
كما تستفيد الجامعات من المؤسسات التجارية والصناعية في : تعيين خريجي الجامعات المؤهلين لممارسة مختلف الأنشطة الإنتاجية , وتوظيف أعضاء هيئة التدريس كخبراء ومستشارين في تلك المؤسسات , والحصول علي الدعم المادي لتمويل مراكز البحوث المشتركة بين الجامعات والشركات .
6 - تسويق المنتجات الجامعية :
يعرف التسويق بأنه نظام متكامل من الأنشطة التي توجه عملية تخطيط وتسعير وترويج وتوزيع السلع والخدمات , وتنفيذ تلك الأنشطة بهدف توجيه تدفق السلع والخدمات من المنتج إلي المستهلك , وتمر عملية التسويق بمراحل متعددة أهمها : مرحلة إنتاج المنتجات والخدمات , ومرحلة الإعلان عنها , ومرحلة توزيع المنتج وتحديد سعره .
أما تسويق التعليم الجامعي فهو عملية إدارية تشمل التحليل والتخطيط والتنفيذ والرقابة , وتتضمن العديد من الأنشطة التسويقية التي يحقق من خلالها العملاء إشباع حاجاتهم ورغباتهم , وذلك من خلال التبادل التجاري بين الجامعة والمستهلك , وتشمل السلع الجامعية منتجات وآلات وأدوات وخامات جديدة , ومصادر جديدة للطاقة , وطرق متطورة للإنتاج , وأساليب إدارية مستحدثة لضمان نجاح العمل في المؤسسات الإنتاجية , وحل المشكلات الطارئة أو المتوقعة في كافة الأنشطة الصناعية والزراعية والتجارية .
وتتم عملية تسويق المنتجات الجامعية عن طريق إتاحة المنتجات الجامعية عبر الحدود من خلال المراسلة والانترنت , ووسائل الاتصال السمعية والبصرية , ولقد ارتفعت معدلات النمو في تسويق المنتجات الجامعية في السنوات الأخيرة , ويظهر ذلك واضحاً في ارتفاع أعداد الطلاب التي تسافر للدراسة بالخارج , وتزايد تسويق البرامج الأكاديمية , وإنشاء فروع للجامعات في دول أخري .
7 - ظهور نماذج جامعية حديثة مثل الجامعات المتمركزة حول السوق :
مع تزايد أهمية المعرفة كمورد اقتصادي , بدأت العديد من الشركات العالمية تدخل مجال التعليم العالي والجامعي , وجاءت بداية ظهور هذا الاتجاه بناء علي اقتراح عضوين من مدرسة هارفارد لإدارة الأعمال , أربع تصورات لنجاح تطور إدارة الشركات الحديثة : التصور المالي , والتصور الخاص بالعميل , الإجراء الداخلي التجاري ,والتصور الخاص بتطوير التعليم .
ويقصد بالجامعات المتمركزة حول السوق هي جامعات تؤسسها وتشرف عليها شركات متعددة الجنسيات , وتعتمد علي التكنولوجيا الرقمية , وتستقبل المتعلمين من كل أنحاء العالم , وهي نظام مفتوح المعلومات بطريقة الوحدات التعليمية التي يصل إليها المتعلم في أي مكان عن طريق الكمبيوتر والانترنت .
8 - الأخذ بصيغ حديثة مثل الجامعة من أجل الصناعة أو الجامعة المهنية :
الجامعة المهنية أو جامعة مكان العمل هي الجامعة التي يكون فيها التدريس والتعلم والبحث علي علاقة وثيقة بعالم الممارسة المهنية , وتهتم بكافة الممارسات الأكاديمية اللازمة لإنتاج ونشر المعرفة الصحيحة , حيث تتطلب الممارسة المهنية الحديثة مدي أوسع من المعرفة والقدرة علي الأداء وتغرس الجامعة المهنية في المتعلمين الرغبة في التعلم المستمر كلما تطورت أساليب الإنتاج .
وتتميز تلك الجامعات بالعديد من المميزات منها : تحول سياق التعلم من التعلم في قاعات الدروس إلي التعلم والخبرة في مكان العمل , والتعلم من خلال أداء الآخرين , وتعلم ثقافة الاختيار من بين العديد من الأعمال , واستخدام مدي واسع من المصادر والأنشطة بوصفها فرصاً للتعلم , كما يتعامل الطالب في هذه الجامعة مع مشكلات غير واضحة المعالم وليس لها حل وحيد , وتتطلب الجامعة المهنية خبرات تدريسية فائقة من جانب المعلم الجامعي , وتحتاج إلي تعاون مع العديد من مؤسسات المجتمع المحيط , حيث تتولد المعرفة العلمية خارج نطاق الجامعة .
وتهدف مبادرة جامعة الصناعة في بريطانيا إلي رفع مستوي كفاءة القوي العاملة , وتوفير فرص التعليم والتدريب لها أثناء العمل , وتعتمد الجامعة علي مشاركة الحكومة والمؤسسات الاقتصادية في التعليم , وتقدم الجامعة برامج متعددة للعاملين أثناء الخدمة علي مستويات مختلفة بداءً من مهارات القراءة والكتابة الأساسية إلي برامج الإدارة العليا .
وهناك أيضاً جامعة التكنولوجيا في سيدني , والجامعة المهنية في كولومبيا , وجامعات العمال في الصين والتي تقدم برامج أكاديمية ومهنية متخصصة تهدف تغطية بعض أوجه النقص الموجود في المهن التي يحتاجها سوق العمل .
وخلاصة القول في هذا الصدد يمكن خفض تكاليف التعليم العالي في:
• تقليل الهدر المتزايد فى النفقات الحكومية .
• إيجاد الشراكة الإيجابية بين القطاع الحكومي والقطاع القاص في تنويع واستثمار أفضل للموارد .
• استخدام تكنولوجيا المعلومات المتقدمة فى التدريس بما يعمل على تخفيض الكلفة التدريسية ، مع الاهتمام يرفع القدرات المهنية والعلمية للقيادات التعليمية وهيئات التدريس ، والحد من التضخم الوظيفى والعمالة الزائدة فى الوظائف الإدارية .
• التفكير جديا فى البحث عن مؤسسات خاصة تقوم بطباعة الكتب التعليمية تتنافس فيما بينها لتقليل تكاليف الطباعة وتحسين جودة المنتج .
• العمل على تحسين توزيع الموارد المالية بما يعيد التوازن ، بين النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية ، وبين المراحل التعليمية وفقا لأدوارها التنموية ، وبين الريف والحضر بما يحقق تكافؤ الفرص بين الجميع .
• إعطاء أهمية خاصة للدراسات الاقتصادية والتخطيطية والفنية من خلال أنشاء وحدات اقتصادية تتولى مسئولية القيام بدراسات وبحوث ميدانية وتحليلية واستراتيجية وتقديمها لمتخذي القرار وصولا لقرارات سليمة اقتصاديا ، وتحقق الأهداف بشكل علمى .
الحد من أثر خفض تكاليف التعليم العالي على نوعية البرامج :
وهناك شعور عام بأن الأجهزة الحكومية عادة تواجه مشكلة انخفاض الإنتاجية , فهي عموماً تؤدي أعمالاً كثيرة ومتشعبة , ولكن بمستوي قليل من الكفاءة وبتكلفة باهظة , فمن مظاهر انخفاض الإنتاجية في الأجهزة الحكومية استحداث العديد من الوحدات التنظيمية داخل الجهاز , دون أن يكون مبنياً علي الحاجة التنظيمية للعمل , ونتج عن ذلك تكرار الكثير من العمليات الإدارية وتعقيد الإجراءات , واستخدام أعداد كبيرة من الموظفين , وتكدس أعداد كبيرة منهم في بعض الوظائف غير المنتجة والمتضخمة وظيفياً مثل الوظائف الكتابية والوظائف الإدارية .
ويعتبر الخلل الذي تواجهه تلك الأجهزة ليس وليد العصر الحالي , وإنما يرجع لإتباع أساليب إدارية ولدت في مرحلة الستينيات الميلادية , فالخلل الاقتصادي في تلك الأجهزة يرجع إلي إتباع نظرية تقسيم العمل التي ابتكرها ( آدم سميث عام 1960م ) , حيث يقسم العمل في المنظمات إلي أجزاء صغيرة تمثل المهام الفردية التي يقوم بها الموظفون بكل إدارة , وكلما اتسع حجم الجهاز تزداد تلك المهام , فيقوم بتعيين موظفين لتجميع وضم تلك الأجزاء في وحدة واحدة مرة أخري , فقابل ذلك ارتفاع التكاليف غير المباشرة التي صرفت علي عمليات الضم والتجميع .
وينطبق ذلك الخلل علي مؤسسات التعليم العالي , التي نمت فيها , خلال الخمس عشر سنة الماضية , الوظائف الإدارية أكثر من الوظائف الأكاديمية , ففي الفترة من 1975 : 1985م كان نمو الوظائف الإدارية حوالي 60% , بينما لم يتجاوز نمو الوظائف الأكاديمية 6% , وقد كان من العوامل التي أدت إلي هذا النمو في الوظائف الإدارية , زيادة الإجراءات الإدارية والتوسع في الأعمال الإدارية .
وأصبحت الجامعات والكليات في ظل هذا التوسع عبارة عن شبكة من الوحدات الإدارية شبه المستقلة والتي تؤدي كل وحدة داخلها عدداً من المهام المحدودة .
فقد أدي هذا التضخم الإداري إلي أعاقة الإنتاجية , ورفع التكاليف في مؤسسات التعليم العالي .
إن أساس علاقة التكلفة – الكفاءة – الجودة في مؤسسات التعليم العالي تتضمن العلاقة بين الكفاءة الأكاديمية والتكلفة , فإن المسئولين الداعمين لتزويد المصادر الضرورية لمؤسسات التعليم العالي يخشون من ارتفاع التكاليف بشكل أكبر من قيمة منتجات التعليم العالي , ومن جهة أخرى فإن التربويين يخافون تقليل الدعم المادي بأساليب , مثل , زيادة نسبة الكلفة إلي عدد الطلاب قد يقلل الجودة بالإضافة إلي الفشل في إدراك القيمة المطلوبة من التعليم العالي في تطوير رأس المال البشري .
فأصبح من ضمن التحديات الكبيرة التي تواجه المؤسسات بأكملها , هو مواجهة الضغوط الكبيرة لتخفيض التكاليف دون تخفيض الأداء , وكيف يمكن زيادة الأداء , أو المحافظة علي المستويات الحالية منه علي الأقل , دون زيادة في التكلفة , فذلك التحدي يمكن أن يعد من الأهداف الأساسية لخفض وحساب التكاليف , ويضاف إلي تلك الأهداف في المؤسسات التعليمية , الأهداف التالية :-
- قياس تكلفة المنتج النهائي المتمثلة في تكلفة الطالبة السنوية , وتكلفة الخريجة .
- إحكام رقابة عناصر التكاليف من خلال وضع الإجراءات التنظيمية الخاصة بضبط ورقابة تداول المدخلات المالية , والتجهيزات والمهمات داخل الأقسام التعليمية .
- ضبط رقابة نشاط الخدمات التعليمية والإدارية .
- ضبط رقابة المصروفات المباشرة وغير المباشرة داخل المؤسسة التعليمية .
- التعرف علي المستويات الإدارية الضعيفة في مجال التنفيذ من أجل العمل علي تحسين الإنتاجية .
- ضبط وإحكام الرقابة علي تكلفة النشاط المتعدد في المؤسسة التعليمية من أجل القضاء علي الهدر في استخدام الموارد .
- تقاس التكاليف من أجل إعداد التقارير الدورية المختلفة للكشف عن المستويات الإدارية الضعيفة في مجال خطة التنفيذ من أجل العمل علي تحسين الكفاية الإنتاجية
- إن قياس التكاليف يساعد علي إعداد البيانات المقارنة لأغراض التخطيط للاختيار بين السياسات البديلة وإصدار القرارات المناسبة .
وأضاف غنيمة أن التكاليف تقاس من أجل التعرف علي حجم هدر الوقت داخل العملية الإدارية والتعليمية , حتى يمكن ترجمة خسارته الهائلة في صورة مالية ومادية , إضافة إلي صناعة القرار التربوي السليم , وعمل مقارنات مهمة بين مراحل التعليم وأنواعه المختلفة بالنسبة لمعدل العائد من التعليم , والعائد من التعليم ككل بنظيره من المشروعات الأخرى , واقتراح طرق لزيادة إنتاجية التعليم , وإمكانية اختيار القرار البديل الذي يقدم أكبر فائدة صافية من ضمن البدائل المقترحة في المجال التعليمي , والتأكيد علي أهميته في المساهمة في التوزيع والاستخدام الأمثلين للموارد التربوية , من أجل إنجاز أهداف تعليمية وتربوية معينة , بالإضافة إلي خفض تكلفة التعليم دون المساس بجودته التعليمية , ويتضح من أهداف دراسات وأبحاث خفض التكلفة أنها تمد المخطط التربوي وصانع القرار بكيفية تفسير المشكلات في مجال تكلفة التعليم , ومحاولة التغلب عليها .
وقد قامت العديد من الهيئات في دوائر المال والأعمال والمستشفيات والجامعات في السنوات الماضية بتخفيض عدد العاملين بها بهدف تخفيض التكاليف , ولكنها أوجدت شكاوي متزايدة من الموظفين الذين يعانون من الإجهاد والإرهاق من العمل , فانخفض مستوي الأداء , وارتفعت تكلفة العمل بها .
لذلك تنبغي مراعاة الحذر في بعض الأوضاع المهمة عند استخدام أسلوب خفض التكاليف في المنشآت المختلفة , بأن يكون التركيز علي العناصر التي تحقق أكبر فائدة , وبأقل مجهود بالمقارنة مع العناصر الأخرى , وألا يؤدي خفض التكاليف إلي خفض النوعية أو الإنتاجية بدرجة تؤثر علي العملاء وعلي إجمالي الإيرادات .
وألا يؤدي ذلك إلي إضعاف الروح المعنوية للموظفين , وبالتالي التأثير علي إنتاجهم , وألا تكون كلفة دراسة وتحليل التكاليف وتطبيق المقترحات أكبر من التكلفة التي ينتظر تخفيضها .
وفي المملكة العربية السعودية لم تكن مؤسسات التعليم العالي تواجه مشكلات خفض التكاليف في بداية نشأتها , ولكن بعدما توسعت تلك المؤسسات وتزايدت أعداد الدارسين فيها وارتفعت تكاليف الدراسة , أصبحت بحاجة كبيرة أكثر من أي وقت مضى للسعي نحو استخدام أفضل الأساليب لخفض تكاليفها والابتعاد عن الهدر في الموارد المتاحة لها .
* أنواع التكاليف :-
يقوم أسلوب حساب التكاليف علي أساس النشاط علي تصنيف التكاليف إلي أربعة أنواع أساسية هي :
الأول : تكاليف الإنفاق النقدي المباشر , وتشمل كافة النفقات ( التكاليف ) غير المتصلة مباشرة بالعمل للمنتجات والخدمات التي تدفعها المنظمات بشكل مباشر وذلك كمبالغ نثرية ومصروفات متفرقة , ومن أمثلتها , تكاليف تذاكر السفر , تكاليف ضيافة اللجان الرسمية , تكاليف الاستشارات والدورات التدريبية مدفوعة القيمة .
الثاني : تكاليف القوي العاملة , وتشمل تكاليف الوقت الذي يقضيه العاملون والعاملات في العمل , وتمثل , الرواتب المدفوعة مضافاً إليها الامتيازات المرتبطة بها نظير الوقت الذي يستغرق لإنجاز العمل , أو نظير الوقت المدفوع الأجر .
الثالث : التكاليف غير المباشرة , وتشمل جميع التكاليف الأخرى المضافة إلي رواتب العاملين والعاملات , زائداً تكاليف الامتيازات الإضافية لكل وحدة من الوقت , وتشمل التكاليف غير المباشرة كافة التكاليف غير المرتبطة مباشرة بنشاط إنتاجي محدد , وتمثل , تكاليف الأمور التي تقدم فوائد عامة إلي المنظمة , وليس من السهل ربطها بموظف معين أو منتجات أو خدمات محددة , وتشمل :
أ – تكاليف شغل المكاتب من إيجارات وتكاليف إنارة وتكييف وتدفئة .
ب – التكاليف الإدارية , وهي النفقات التي تدفع نظير توفير الخدمات الإدارية المساندة , مثل , الشئون القانونية والمحاسبة .
الرابع : التكاليف الرأسمالية , وهي تلك التكلفة التي تمثل المبالغ النقدية التي تنفقها المنظمة علي الأصول التي تمتد فترة صلاحية استخدامها لأكثر من سنة واحدة , مثل , تكلفة أجهزة الحاسبات الآلية وماكينات التصوير وأجهزة الطباعة ونحو ذلك.
وتحسب التكاليف الرأسمالية عن طريق تقسيمها علي عدد السنوات التي تغطيها تلك الأصول .
والجدير بالذكر , أن المنظمات تنفق علي إنجاز الأعمال مبالغ كبيرة تعادل أضعاف ما يتم دفعه كأجور للعاملين , وهي عادة ما تحسب كنسبة مئوية تضاف إلي الأجر المدفوع للعاملين , فمثلاً , يمكن القول إن تكلفة الوحدة من وقت العمل في كليات البنات تعادل ( رواتب العاملات شاملة تكلفة الامتيازات الإضافية المدفوعة لهن + إجمالي التكاليف غير المباشرة ) , وتشير الدراسات إلي أن النسبة المئوية لإجمالي التكلفة غير المباشرة تتراوح بين ( 30 إلي 100% ) من تكلفة الرواتب والامتيازات المدفوعة .
* حساب تكاليف الأنشطة :-
ينطلق " حساب التكاليف علي أساس النشاط " من تحليل خطوات العمل وتقدير تكاليف العاملين المشاركين في القيام بكل خطوة من خطوات العمل , أي أنه لتحليل تكلفة النشاط يجب معرفة الخطوات التي يتكون منها النشاط أولاً , وهذا يشكل المرحلة الأولي من حساب تكلفة الأنشطة , وتسمي هذه المرحلة " تحليل انسياب العمل أو العمليات " , وهو أسلوب يوضح الكيفية التي يسير فيها العمل منذ بدايته إلي انتهائه , ويعتبر هذا التحليل من الوسائل الفعالة التي تركز بصورة أكبر علي كيفية انسياب الخدمات أو المنتجات من وحدة تنظيمية في المنظمة إلي الوحدة التي تليها علي الخريطة التنظيمية , ويمكن توضيح تحليل انسياب خطوات العمل باستخدام رموز معينة ذات دلالات إجرائية تبين نوعية خطوات العمل , بحيث تغطي جميع أنواع ومضامين العمل , سواء أكان إجراء أو عملاً حقيقياً , أو تأخيراً في العمل نتيجة لانتظار بيانات معينة أو شخص ما , أو تأخيراً ناتجاً عن القيام بأعمال مراجعة وتدقيق وتأكد , أو انتظار للموافقة علي نموذج أو طلب ما , أو نقلاً لنماذج أو بيانات أو ملفات ورقية من مكان إلي آخر , أو ربما نقلاً لمواد وبضاعة من مكان إلي آخر , أو كان تأخيراً لأسباب فحص الجودة واكتمال المعلومات .
ويعتبر استخدام هذه الرموز شائعاً في مثل هذا النوع من التحليل , وقد تختلف تلك الرموز ظاهرياً في أشكالها ولكنها تنفق في مضمونها ومعناها , ومع تطور تقنية المعلومات ظهرت كثير من أدوات التحليل الإلكترونية ( برمجيات ) التي تساعد كثيراً علي القيام بمثل هذا التحليل بسهولة وكفاءة عالية .
تالياً لذلك , وبعد توضيح خطوات العمل , تأتي المرحلة الثانية , وهي معرفة تكاليف العاملين المشاركين في تنفيذ العمل والقائمين بكل خطوة من خطوات العمل , حيث إنه يتم حصر الأفراد العاملين وحصر أجورهم وتقدير التكاليف غير المباشرة التي تنفقها المنظمة , وذلك لمعرفة تكلفة الفرد الواحد في الساعة أو في الدقيقة أو أي وحدة زمنية .
وتتميز طريقة الحساب باستخدام الوحدات الزمنية الصغرى بكونها أكثر تحديداً , حيث تتم إعادة تقسيم الخطوات في كل عملية إلي وحدات أصغر , ما يسهل تحديد الخطوات التي يمكن الاستغناء عنها أو هندرتها , ومن سلبيات تلك الطريقة , إمكانية تقدير الوقت المستغرق في العمل بطريقة خاطئة , ما ينتج عنه تجاوز مجموع الدقائق المستغرقة في كافة خطوات العمل , بينما تتميز طريقة استخدام الوحدات الكبرى في الحساب أن وقت الفرد المقسم بين خطوات العمل لا يمكن أن يتجاوز نسبة 100% , حيث يتم حساب إجمالي الوقت بصورة دقيقة , ولكن من سلبياتها أنها أقل تحديداً , وربما لا تميز بين الخطوات ذات القيمة المضافة والخطوات عديمة القيمة .
* تحليل قيمة النشاط :-
أسلوب تحليل قيمة النشاط طريقة لتصنيف الخدمات المنتجة بواسطة تحليل خطوات العمل , وتصنف علي أساس معايير قيمتها المضافة للمستفيدين , وقيمتها المضافة للعمل , وفيما إذا كانت لا تحتوي علي أي قيمة مضافة , فمن خلال ذلك التحليل يتم التعرف الفوري علي تكاليف الأنشطة عديمة ومنخفضة القيمة , وكذلك خطوات العمل ذات التكلفة الأعلى , حيث تعتبر الأنشطة عديمة أو منخفضة القيمة أنشطة يمكن الاستغناء عنها , كما أنه يمكن أن يتم التعاقد خارجياً علي أداء الأنشطة ذات القيمة والتكلفة العالية في نفس الوقت , أو هندرتها .
وتتضمن خطوات التحليل القياسي تحديد خطوات العمل المطلوب هندرتها التي تشمل :
- خطوات العمل ذات الدرجة العالية من التأثير علي المستفيدين .
- خطوات العمل التي تستغرق الكثير من وقت العمل وتكلف الكثير .
- الخطوات عديمة القيمة , مثل , إعادة إدخال البيانات والملفات المزدوجة وأعمال النسخ الفائضة , والاحتفاظ بركام من الأوراق تحسباً للحاجة لها مستقبلاً .
- خطوات العمل ذات مستويات الرقابة والتدقيق والمراجعة المتعددة .
- الدورات الإنتاجية الزمنية غير المقبولة .
فمن خلال مخرجات حساب تكاليف أنشطة العمليات ومخرجات تحليل قيمة النشاطات , يمكن إعادة هندسة العمليات في الكليات بتناول الجوانب التقنية والاجتماعية للعمليات , وقد تبنت بعض مؤسسات التعليم العالي إستراتيجية الموازنة علي أساس الأنشطة ,أو حساب التكاليف علي أساس النشاط , لأن هذا الأسلوب أعطي معلومات أكثر دقة من النظم والأساليب التقليدية المتبعة في وضع موازنات الأنشطة المساعدة , وتكاليف الإنتاج , كما أتاح للمسئولين في الجامعات فرصة التركيز والاهتمام بعمليات الإنتاج وإعطائها أولوية الاهتمام .
وإن حساب التكاليف علي أساس النشاط ABC , يمكن المنظمات من تخفيض تكاليفها بالتخلص من الأنشطة غير الضرورية , وتبسيط الأنشطة الضرورية , وتتحقق من إتباع حساب التكاليف علي أساس النشاط النتائج التالية :
أولاً : التخلص من الأنشطة ويعني عدم تبديد الوقت والمال في هندرة الأعمال والأنشطة ذات القيمة الضئيلة , أو المنتجات التي لا حاجة لها , وإنما التخلص منها, فالعمل المهدر أو الضائع هو العمل عديم القيمة الذي لا يلاحظ العميل غيابه , مثل , إنتاج التقارير التي لا يقرؤها أحد , أو أداء العمل بشكل خاطئ حتى يعاد عمله مرة أخري , أو القيام بأنشطة التدقيق المتكرر , فتلك الأنشطة تعد هدراً ولا تضيف قيمة , ويعني التخلص منها هو تلافي التكاليف المرتبطة بهذه الأعمال , ويعني التخلص من الأشياء ذات التكاليف الباهظة وغير المباشرة , مثل , المكاتب الفخمة , والأجهزة , والآلات محدودة الإنتاجية .
وفي التعليم العالي يتم التخلص من الأنشطة عديمة القيمة والتي تتسبب في هدر الكثير من الجهود البشرية دون جدوى , مثل , أنشطة الرقابة والتدقيق والمراجعة في أداء الأعمال , فالتخلص منها يعمل علي توفير جهود أعضاء هيئة التدريس والتعليم والإداريات في الكليات في إنتاج الأنشطة الأساسية , وتوفير المتطلبات المالية والمادية للأنشطة الأساسية .
ثانياً : الاستفادة من المصادر الخارجية وتعني عدم القيام بأي نشاط يمكن الحصول عليه بتكلفة أقل أو جودة أعلي من مصدر خارجي , فالتعاقد مع الجهات لأداء الأنشطة التي تؤديها تلك الجهات بكفاءة أكبر وبتكلفة أقل يحقق خفضاً كبيراً للتكلفة , ويعني أنها تحويل الخدمة التي كانت تنفذ داخل المنظمة إلي منظمة خارجية تقوم بأدائها .
فقد أدركت بعض المنظمات أن ميزانيات التدريب آخذة في التزايد , حيث قفزت في عام 1997م حوالي 5% عن ميزانيات عام 1996م , ولهذا قامت 92% من المنظمات بعملية تحويل التدريب للموارد البشرية إلي جهات خارجية , وكانت تلك الممارسة الأكثر انتشاراً في مختلف المؤسسات والشركات بمختلف قطاعاتها وأحجامها كما دلت علي ذلك معظم الدراسات .
وبغض النظر عن ارتياح المسئولين في مؤسسات التعليم العالي للتخلص من الأعباء الخدمية , وتحويلها إلي القطاع الخاص , فإن التخلص من أعباء الخدمات المساندة قد انتشر بسرعة في الجامعات والكليات الحكومية , حيث وجدت أن التعاقد مع القطاع الخاص يساعد في تخفيض التكاليف ويزيد الإنتاجية , فالضغوط التي تدفع بالكليات والجامعات إلي خصخصة تعمل علي تشكيل التعليم العالي في السنوات القادمة .
وتعد عملية تحويل الخدمات المساندة في الجامعات إلي القطاع الخاص من أهم المجالات التي تشكل فرصة للتخلص من الأعباء المالية , وتشمل الخدمات المساندة ( إدارة المكتبات , وعمليات الصيانة , والنقل , والتغذية , وتشغيل الأجهزة ) فقد لوحظ في السنوات الماضية نمو هذه الخدمات حيث زاد عدد موظفي هذه الإدارات في الجامعات بنسبة 60% بين عام 1975م و 1995م , ما دعا 500 مؤسسة تعليم عالي في الولايات المتحدة الأمريكية إلي التخلص من إدارة المكتبات التجارية وتحويلها للقطاع الخاص , كما قامت مئات من الجامعات بالتخلص من أعباء خدمات التغذية , وقام البعض بالتخلص من أعباء تشغيل الأجهزة وصيانتها , وقامت بعض مؤسسات التعليم العالي بتحويل عمليات القبول ومنح شهادات الإجازة المهنية إلي جهات خارجية .
وتعد عملية التعاقد مع الجهات الخارجية عملية ذات فائدة للقطاع الخاص ولأعضاء هيئة التدريس والطلبة , فهي أدت إلي التخلص من أعباء ارتفاع تكاليف الخدمات , في الوقت الذي يواجه فيه التعليم العالي أزمات مالية , بالإضافة إلي تقدم القطاع الخاص في مجال التقنية , وتحول التقنية المستخدمة في بعض مؤسسات التعليم العالي إلي تقنية عديمة الجدوى , وبالدرجة الأولي إنها ساعدت علي توجيه الموارد المالية , إلي دعم الأعمال الأكاديمية والأعمال الإدارية المساندة لها في مؤسسات التعليم العالي .
ويمكن للتعليم العالي أن يتعاقد مع الجهات الخارجية لتحويل الخدمات المساندة , والتي تمثل أعباء مالية وبشرية , مثل عملية النقل , وعملية الكشف الصحي , وعملية صرف المكافآت , بينما لا يتم ذلك علي العمليات الأساسية والإستراتيجية في الكليات مثل التدريس وتسجيل الطلبة .
ثالثاً : توظيف تقنية المعلومات أي استخدام تقنية المعلومات في أداء العمليات الإستراتيجية والضرورية في المنظمة , فكافة أشكال تقنية المعلومات يمكنها أن تساعد المنظمات علي إعادة التفكير في الوسائل التي يتم فيها تنفيذ الأعمال والنشاطات , وتوفير الفرص لإبداع وابتكار أشكال جديدة من المنظمات , فالتطور الهائل في تقنية المعلومات يحطم عوائق الاتصال بين كافة الأنشطة الممارسة داخل المنظمات , وبين المنظمات من جهة , وبين موردي الخدمات والعملاء من جهة أخري .
وتسعي المنظمات إلي تقديم أكثر من 70% من خدمات الموارد البشرية تقريباً , عن طريق الحاسبات الشخصية , وأنظمة التسجيل الصوتية المتفاعلة المرتبطة بقاعدة معلومات الموارد البشرية المركزية , وتتم مراقبة المعلومات الناتجة عن آلاف معلومات الموارد البشرية اليومية بواسطة برامج آلية ذكية , فتقنية المعلومات ساهمت إلي حد كبير جداً , في توفير الحلول للعديد من المشاكل التقليدية في أداء العمل في مؤسسات التعليم العالي .
ويمكن للتعليم العالي استخدام التقنية في أداء أنشطته الإستراتيجية للحصول علي كفاءة عالية في الأداء , وسرعة في إنجاز العمل , وقد بينت الدراسات السابقة أن كليات البنات ترغب في استخدام التقنية في أداء أعمالها الإدارية المهمة نظراً لزيادة عبء تلك الأعمال بشرياً ومادياً .
وخلاصة القول في هذا الصدد يمكن خفض تكاليف التعليم العالي في:
• تقليل الهدر المتزايد فى النفقات الحكومية .
• استخدام تكنولوجيا المعلومات المتقدمة فى التدريس بما يعمل على تخفيض الكلفة التدريسية ، مع الاهتمام يرفع القدرات المهنية والعلمية للقيادات التعليمية وهيئات التدريس ، والحد من التضخم الوظيفى والعمالة الزائدة فى الوظائف الإدارية .
• التفكير جديا فى البحث عن مؤسسات خاصة تقوم بطباعة الكتب التعليمية تتنافس فيما بينها لتقليل تكاليف الطباعة وتحسين جودة المنتج .
• العمل على تحسين توزيع الموارد المالية بما يعيد التوازن ، بين النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية ، وبين المراحل التعليمية وفقا لأدوارها التنموية ، وبين الريف والحضر بما يحقق تكافؤ الفرص بين الجميع .
• إعطاء أهمية خاصة للدراسات الاقتصادية والتخطيطية والفنية من خلال أنشاء وحدات اقتصادية تتولى مسئولية القيام بدراسات وبحوث ميدانية وتحليلية واستراتيجية وتقديمها لمتخذي القرار وصولا لقرارات سليمة اقتصاديا ، وتحقق الأهداف بشكل علمى .
هذا ما تيسر ذكره ورقات هذا السياق
وصل الله وسلم على نبينا محمد
الباحث : ياسر بن عبدالرحمن الدهري 25/6/1431 هـ
***
وامن رغب الإستزادة في هذا الجانب ندعوكم بالرجوع إلى :
العولقي , حسن أبو بكر فريد ,"تجارب محلية وعربية ودولية لمصادر وبدائل لتمويل التعليم " ,
دراسة مقدمة إلى اجتماع تمويل التعليم في الدول الأعضاء , دولة الكويت جمادى الثاني ١٤١٩ ه
1- الموافق أكتوبر ١٩٩٨ م .
2- الزهراني، سعد عبدالله (1423هـ). مواءمة التعليم العالي السعودي لاحتياجات التنمية الوطنية من القوى العاملة وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. الرياض: مطابع وزارة الداخلية.
3- وزارة التعليم العالي (2007) . مركز إحصاءات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية للعام 1429-1430هـ .
4- وزارة الاقتصاد والتخطيط (2007). مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات . الكتاب الإحصائي الســنـوي لعام 1428/ 1429هـ (2008)
5- العباد ، عبدالله حمد العباد ، 2005 ، تمويل التعليم العالي ، دار التربية العربي .
6- فتحي سيد فرج .،2006 ، البدائل المقترحة لتمويل التعليم ، مصر ، القاهرة
7- فليح ، فليح حسن خلف ، اقتصاديات التعليم وتخطيطه ، 2007 م ، عالم الكتب الحديثه ، الأردن
8- فليّه ، فاروق عبده فليه ، اقتصاديات التعليم ، م2009 ، دار المسيره ، الاردن
9- عابدين ، محمود عباس عابدين ، قضايا تخطيط التعليم واقتصادياته بين العالمية والمحلية ،2003م ، الدار المصرية اللبنانية ، مصر
10- العجمي ، محمد حسنين العجمي ، اقتصاديات التعليم ، 2007م ، دار الجامعة ، مصر.
11- محمد فالح الجهني ، 2008 ، في التعليم العام والتعليم العالي من يدفع التكاليف؟ مجلة المعرفة العدد157 .